العدالةالتصالحية والتعليم القانوني على المستوى الجامعي
جراتسيا مانوتسي Grazia Mannozzi *
إن النتيجة الصحيحة للحقيقة (التثبت والفاعلية) هي عدم اليقين. قد لانعرف أموراً، حقيقة هذه الأمور، وحقيقتنا، ومع ذلك ندرك ونتصرف ونحن على يقين من
وجودنا ووجود تلك الأمور. وأفعال حياتنا الراهنة تعبر عن ذلك اليقين لأن هذه
الأفعال منسوجة في الأساطير (هيلمان Hillman، ٢٠٠١: ٤٠).[2]
1. الجديد: أزمة الدراسات القانونية
لكي نتناول الدور الذي يمكن أن تؤديه العدالة التصالحية restorative justice بوصفهامجالا للمعرفة في إطار التعليم القانوني لا بد أن نبدأ بملاحظة تتعلق بسياق
التعليم القانوني وتعكس الأمر الواقع.
أولا وفي المقام الأول، يبدو التعليم القانوني – الذي يركز على القانون وربما من قبله البعد المتعلق بالعدالة – في توتر
مستمر بين التقليد والتحديث (تودTodd ، ٢٠١٨: ٩٧١). فمن ناحية: يميل القانون إلى الاستقرار من حيث لغته الفنية ذات الطبيعة الثابتة والراسخة (جالجانوGalgano ، ٢٠١٠)، وكذا ثمة اتجاهمحافظ معين بين أهل القانون (ماتيلاMattila ، ٢٠٠٦: ٩٣)؛ ومن ناحية أخرى: ثمة تحديات أفرزتها التغيرات الاجتماعية/الاقتصادية والقانونية/الثقافية والعلمية والتكنولوچية فيما يتعلق
بالظواهر التي تتطلب تنظيما قانونيا (مانوتسي Mannozzi، ٢٠١١)، بالإضافة إلى التطور الطبيعي في الفكر القانوني والفلسفي.
ويترتب على ذلك أن تعليم القانون في الجامعةليس جامدا وليس في منأى عن التغيير، وإنما هو مجال ديناميكي مدفوع باستمرار إلى
إعادة النظر في محتواه وأبعاده البنيوية وتنقيح منهجية تدريسه. فهو باختصار عمل
متواصل (تودTodd ،٢٠١٨: ٩٧٢).
ويتشكل الواقع في أزمة الدراسات القانونية التي نلمسها في عدد من الأنظمة القانونية، وتبدو خاضعة لمجموعة من العوامل سأحاول
تناولها بإيجاز.
والعامل الأول ذو طبيعة إدراكية: وهو التشكك الزاحف والمنتشر كذلك تجاه العمل القانوني الكلاسيكي. فثمة ضجر ظاهر تجاه أهل
القانون يعم المجتمعات الغربية في أنظمة القانون المدني والقانون العام على
السواء. ففي إيطاليا يعود هذا الضجر إلى سابقة تاريخية أدبية في الرواية التي
"تقدسُ" اللغة الإيطالية (مانزونيManzoni ، ١٨٤٠)، والتي يعني اسمالمحامي فيها – المحامي الغامض والجبان Azzeccagarbugli – مجازيا المحامي غير الجدير بالثقة وغيرالأمين. وثمة مثال للتوجس من دور أهل القانون في الأدب الأمريكي الساخر: هو كتيب
"المحامون والزواحف الأخرى" (براليار Brallier، ١٩٩٢) التي نشرت منها سلسلة براليارBrallier،١٩٩٦)، والتي تسخر من عمل وأخلاقيات المحامين. ولم ينج القضاء هو الآخر من
التحفظات الناقدة. وثمة مثال في الأدب العلمي: ففي مجال إجرام ذوي الياقات البيضاء·لاحظ ساذرلاند Sutherlandاتجاهات في القضاء أقل قسوة نحو ما يعرف بالمجرمين ذوي الياقات البيضاء (ساذرلاند Sutherland، ١٩٤٩) وذلك بالمقارنة معمرتكبي الجرائم الشائعة أو التقليدية.
والعامل الثاني من عوامل الأزمة ذو صلة بالانطباع عن تجربة التعامل مع نظام العدالة بالنسبة إلى من خاضها، لكنه عامل يصعب التحقق
منه أو قياسه عمليا. ففي بعض الأحيان يرى الأفراد أن الحصول على العدالة أمر بعيد
أو بطيء ومجازفة لبث الخوف والاغتراب. خذ مثلا تصميم أبنية المحاكم (مولتشاي Mulchay، ٢٠٠٧: ٣٨٣) ولبس أهلالقانون وكأنه من الطقوس الخاصة بطائفة ما (جارابون Garabon، ٢٠٠١)، وفوق كل ذلكالتعقيد الذي لا يمكن إنكاره والدرجة العالية من التخصص للغة القانونية.
ومن ثم قد يمثل التعقيد والطبيعة الفنيةللغة القانونية خصوصا – بجانب مجمل سمات اللغة القانونية (ميلينكوف Mellinkoff، ١٩٦٣: ٢٤) – عائقا أمامالتواصل. ثم يصير ذلك حاجزا أمام غير المتخصصين يسبب أوضاعا من العوز للفئات
المهمشة والأقل ثراء (ماتيلاMattila ، ٢٠٠٦: ٩٧). وقد لا تُرضي إدارة العدالة التوقعات المشروعةوالمتطلبات الحقيقية لأطرافها: فقد يكون للتعويض تأثير تعويضي لكنه لا يصحح الوضع؛
وقد تُرَى العقوبات الموقعة غير عادلة وقاسية أو مخففة لا تناسب الجريمة المرتكبة؛
وقد لا يرضى الضحايا عن طبيعة مشاركتهم في سير العدالة وما يحصلون عليه من
معلومات، أو قد يتعرضون للتهديد والانتقام بسبب إبلاغهم عن الجريمة، أو للإيذاء المتجدد
secondary victimization.·وبالتالي فإن الإيمان بالعدالة – وهو إيمان وثقة وفقا للاصطلاح الذي استخدمته
تعليمات الاتحاد الأوروبي ٢٩/٢٠١٢ Directive2012/29/EU – قد يلاقي تراجعا حادا.
والعامل الثالث وراء أزمة التعليم القانونيعلى المستوى الجامعي يتعلق بمخاطرة التركيز الزائد على الجوانب الاقتصادية (كوليني
Collini، ٢٠١٢) ومن ثم الأبعاد الاقتصادية والفاعلية للعدالة. فإدراج أسلوب البيزنس في عملية سير العدالة صاحبه
في بعض الأحيان توجيهه نحو الاقتصاد في الإجراءات القانونية وتسريعها بدلا من دعم
تحقيق العدالة. فكما قال بالاتسو Palazzo، ثمة مخاطرة "تَمَكُّن الاقتصاد" economic triumphalism التي منشأنها أن تؤدي إلى سيناريو يرزح فيه القانون تحت وطأة البعد الاقتصادي للواقع
السياسي والاجتماعي فيصير الجانب القانوني محض أداة توظف لخدمة عملية صنع القرار الاقتصادية،
ولا يعود قادرا على تقديم تعبير قيمي مدروس عن الاتجاهات الهامة لحياة المجتمع
(بالاتسو Palazzo،٢٠١٩: ١٢٥-١٢٦).
2. تأثير أزمة العدالة على بنية الدراسات القانونية
تؤثر أزمة العدالة حتما على الدراساتالقانونية من نواحي بنيتها وتنظيم محتواها والتسجيل في كليات القانون (ماركوليني Marcolini، ٢٠١٩). فكما لاحظ سابينوكاسيزي Sabino Casseseفي كلمته الرئيسية في مؤتمر رابطة كليات القانون الأوربية ٢٠١٦ The 2016 Conference of the European Law Faculties Association(ELFA) أن الدراسات القانونية تواجه حاليا سلسلة من المسائل الحساسة في عدد من الدول الأوربية وغير الأوربية. ففي فرنسا ما
زال التعليم القانوني دوغمائيا مذهبيا يركز على القانون المسطر في الكتب law in the books بخلاف القانونفي الواقع العملي law in action. وفي ألمانيا يظهر التدريس غير منفتح للأبعاد المتعلقة بالدراساتالمقارنة وتعدد التخصصات فيطغى الفكر الأكاديمي على التوجه نحو التطبيق العملي
للقانون. وفي المملكة المتحدة لا يوجه الاهتمام الكافي إلى تدريس القيم القانونية
وأخلاقيات العمل ودعم المهارات المتعلقة بالتواصل ومهارات الإدارة. أضف إلى ذلك
الافتقار إلى نظام للتحقق من توحيد معايير التدريس. وفي الولايات المتحدة ثمة
اعتقاد بتقادم برامج مواد القانون ما أدى إلى تضاؤل اهتمام الطلبة بالموضوعات التي
تُدرس وقلة شغفهم بالتعلم. وأخيرا، في كندا ثمة شعور بالاستعمار الثقافي عن طريق
التعليم الأكاديمي الأمريكي والإنجليزي والفرنسي الذي يغلب عليه منطق السوق
والاحتراف (كاسيزي Cassese، ٢٠١٧).
وإيطاليا لديها أيضا بعض عوامل الأزمة سالفةالبيان التي قد تسبب تراجعا في الالتحاق بكليات القانون. وهذا ما تم تأكيده إلى حد
أبعد في عدد من المؤتمرات التي أقيمت بصفة دورية في جامعات إيطالية مختلفة حول
مستقبل الدراسات القانونية.
الخلاصة أن الدراسات القانونية تطفو علىسطحها إشكالات ذات صلة بالعوامل الآتية: علاقة متوازنة بين الجانبين النظري
والتطبيقي للقانون (كوردا Corda، ٢٠٢١)؛ انفتاح كافٍ لتعدد التخصصات؛ استثمار كافٍ في المهاراتالفنية المعرفية hard skillsوالمهارات الناعمة الشخصية soft skills؛ نماذج قابلة للغلبة الثقافية؛ واعتماد سائد على طرق التدريسالتقليدية (وعلى حسب الأنظمة القانونية قد تعتمد هذه الطرق على المحاضرات المباشرة
frontal lectures أو أساليب حل المشكلات problem-solving approaches).
3. التحديات التي تواجه إدراج العدالة التصالحية في الدراسات القانونية
شهدت بداية الألفية الجديدة تطوراهاما في الدراسات القانونية تمثل في التوجه التقدمي بإدراج موضوعات جديدة مثل
العدالة التصالحية. وهي تعد وفقا لبعض الاعتبارات موضوعا غير تقليدي (ماردر Marder وويكسلارWexler،٢٠٢١: ٤٠٥) إذا قورنت بالموضوعات التقليدية التي تقدم في الدراسات القانونية (مانوتسي
Mannozzi ولودچيانيLodigiani،٢٠١٤). وبداية من اصطلاحاتها لم تظهر العدالة التصالحية كفرع آخر من فروع القانون
(العام والخاص والمدني والجنائي والتجاري والصناعي والإداري والعمل والضريبي
والإجرائي والدولي...إلخ) بل ظهرت كموضوع تتشكل نواته من مذهب قضائي فلسفي جديد
بوصفه بديلا للعدالة الجنائية في الأسس النظرية والأساليب المستحدثة. هذا الموضوع
الذي بات موضع اهتمام الدروس التدريبية للوسطاء والمساعدين صار الآن مدمجا – ولو
في قلة محدودة من الجامعات الإيطالية – في الدراسات القانونية حيث صار موضوعا واعدا
يستطيع أن يحقق منافع غير متوقعة للبرنامج الدراسي كله.
لكن ثمة اعتبارات أولية يجب وضعها فيالحسبان عند هذه النقطة. أولها: أن إدراج دروس العدالة التصالحية قد يكون له آثار
مختلفة على حسب بنية النظام القانوني وموقع التعليم بعد الثانوي tertiary education فيه.ففي الواقع ثمة اختلافات هامة بين نظاميْ القانون العام common law والقانون المدني civil law من حيث المحتوى ومصدرالقانون ودور الفقه والبنيات التنظيمية.
والاعتبار الثاني يخص الحقيقة المتمثلة في أن تنوع التقاليد القانونية يؤدي كذلك إلى اختلافات في الأساليب
التدريسية والمنهجية. وفي هذا الشأن لاحظ كواتروكولو Quattrocolo (٢٠١٩: ١٨٥):
الانطباع العام الأول الذي يبرز عند التفكير في مسألة الخبرةالتدريسية هو الميل إلى الإحصاء الذي تتصف به دول القانون المدني التي صممت
أنظمتها القانونية الوضعية على الأكواد المتجانسة وغيرها من أدوات التقعيد
القانوني. فعبء التراث القانوني الوضعي المُقَعَّد... يدفع بطبيعته نحو نموذج
تدريس يركز بدقة على معطيات التقعيد القانوني، وفي الغالب يعتبر ذلك الطريق
الوحيدة لتدريس القانون. وليس مدهشا أن تصبح هذه الخصيصة أكثر وضوحا عند المقارنة
مع واقع القانون العام المرتكز في أساسه على السوابق ومنطق القياس...
ومع ذلك لا توجد ثنائية واضحة بين التدريس السلطوي ex cathedra teaching وطرق التدريس الأخرى في التعليم القانوني. على النقيض توجد دخائل وتداخلاتمنهجية بين التدريس المباشر frontalteaching والنماذج الأخرى بما فيهاالتعلم التعاوني cooperative learning وأساليب التعليم التوجيهي tutorialapproaches والفصول المعكوسة flipped classrooms والتدريس المشترك co-teaching (وهذا الأخير كما سأبينلاحقا مفيد بصفة خاصة في سياق دروس العدالة التصالحية). وعلي أي حال تميل أنظمة
القانون الخاص في الغالب إلى التركيز على المعرفة على حساب المهارات، وخصوصا
القدرات. وهذه الاختلافات قد تنعكس على بنية وطريقة تدريس العدالة التصالحية.
والاعتبار الثالث يتعلق بعدم التجانس الذي يتصف به تدريب الأساتذة في مختلف الأنظمة القانونية. فأحيانا يتعلم الأساتذة
الجامعيون التدريس عن طريق تقليد أساتذتهم. وبينما يبدو هذا كافياً لتدريس موضوعات
القانون إذ يطغى البُعْد المعرفي فإن الحال ليس كذلك بالنسبة إلى تدريس العدالة
التصالحية الموضوع الجديد نسبيا أي ينقصه التقليد التعليمي didactic tradition فيالإطار الجامعي. علاوة على ذلك يتضمن تدريسها نقل المهارات والقدرات (مور Moore وڤيرنونVernon،٢٠٢٤) التي لا يمكن اكتسابها وفوق كل ذلك تبادلها مباشرة. فالمجازفة بتدريس
العدالة التصالحية من خلال التدريس التقليدي قد يسطحها لتصير محض معطيات للتقعيد
القانوني – على الأقل في البلاد التي قُننت وقُعِّدَت فيها العدالة التصالحية – ما
من شأنه أن يسبب خسارة محتواها البشري (مانوتسي Mannozzi، ٢٠١٧) وجوهرية المهاراتالناعمة لممارستها.
4. أسباب إدراج العدالة التصالحية في مواد القانون الجامعية وما بعدها
إن إدراج العدالة التصالحية ضمن الموضوعات التي تهيئ أهل القانون – سواء أكان إعدادهم للمواقع التقليدية كالقضاء
والمحاماة أم لوظائف تدخل في عملية سير العدالة لكنها تختلف عن سابقتها (الشرطة
القضائية والقائمون على الإصلاحيات وخدمات دعم الضحايا victim support services) أو لغير ذلك من الوظائفالقانونية (مُحَامُو الشركات وأعضاء الشؤون القانونية ومستشارو العمل) – تبرره عدة أسباب سأحاولأن أوجزها فيما يلي.
السبب الأول والأساسي بطبيعته تقعيدي قانوني normativeعلى كلا المستويين: المستوى الوطني والمستوى ما وراء الوطني. فبصفة خاصة يشجع
إعلان ڤينيسيا الصادر عام ٢٠٢١ لوزراء العدل لمجلس الدول الأوربية الأعضاء Venice Declaration (2021) of the Ministers of Justice of theCouncil of Europe Member States - الدولالأعضاء على اتخاذ خطوات فيما يتعلق باعتبار العدالة التصالحية جزءا أساسيا في
مناهج تدريب أهل القانون وكيفية إدراج مبادئ وأساليب وممارسات وضمانات العدالة
التصالحية في المناهج الجامعية وغيرها من برامج التعليم بعد الثانوي للقانونيين tertiary-level education programs for jurists(قسم ١٥/٤). وثمة إشارات على نطاق أشمل – من منظور واسع يضع العدالة التصالحية في
سياق حماية الضحايا – وردت في المادة ٢٣ من توصية المجلس الأوربي Council of Europe Recommendation CM/Rec 2023 (2). ورغم أنها تشير إلى التدريب الاحترافي لأهل القانون فإنها لمتستبعد بل افترضت بالفعل وحدة التدريب على المستوى الجامعي.
والسبب الثاني ذو طبيعة واقعية factual. فعندما تتحول العدالة التصالحية من ممارسة مجتمعية موسعة غير مقننة إلى ممارسة ينظمها القانون - الذي
يضبط كذلك علاقاتها بنظام العدالة الجنائية – يكون ضروريا تدريب أهل القانون على
العدالة التصالحية بدءا من تعليمهم الجامعي. وهذا يكفل عدم النظر إلى التدريب على
العدالة التصالحية على أنه إضافة زائدة على التعليم القانوني التقليدي المعتبر
وإنما بوصفه جزءا أساسيا من المعرفة اللازمة لأهل القانون. فعلى الأقل في إيطاليا
وبناء على التنظيم الشامل للعدالة التصالحية الصادر بالمرسوم بقانون رقم ١٥٠ لسنة
٢٠٢٣ سيحتاج أهل القانون إلى فهم وتطبيق التشريع الصادر في شأن العدالة التصالحية
في كل مرحلة من مراحل الإجراءات الجنائية. فالقضاة وأعضاء النيابة العامة مطالبون
بإعلام الأطراف ببرامج العدالة التصالحية وتيسير وصولهم إليها، ويستطيع المحامون
إطلاع موكليهم ودعمهم من أجل الوصول إلى برامج العدالة التصالحية ومساعدتهم على
إبرام اتفاقات اقتصادية. وبصفة عامة كلما سمحت الأنظمة القانونية باللجوء إلى
العدالة التصالحية كلما صار إنفاذ القانون وبات القضاء والقانونيون والقائمون على
الإصلاحيات في حاجة إلى تزويد معارفهم بمغزى العدالة التصالحية وأساليبها
وضماناتها وتطبيقاتها الممكنة.
والسبب الثالث أكثر صلة ببنية مناهج كليات القانون/الحقوق التي تتكون في الغالب من مجموع من الموضوعات القانونية البحتة.
فتجزئة المعرفة وتتابع المواد في مختلف فروع القانون لن يسمح بالضرورة لأهل
القانون أن يطوروا درايتهم بالمعنى العميق لتجربة العدالة وعمقها الإنساني. وقد
يساعد إدراج التدريب على العدالة التصالحية في الدراسات القانونية على توجيه
التعليم القانوني إلى إعادة التركيز على العدالة، وكذا يستطيع أن يخفف من رتابة
النظام الإجرائي المكرس لإنجاز العمل. وفي الواقع تماثل الإجراءات القانونية على
نحو متزايد آلية صنع قرار أكثر من كونها آلية سعي إلى الحقيقة (بيمبرتون Pemberton، ٢٠١٩: ١٠٣). ويمكن أن يؤدي ذلك أحيانا إلى تسويات في شأن الضمانات وبخاصة عند الاقتصاد في الدليل أو
تبسيطه، أو عند تطبيق آليات لإنهاء العدوان أو طقوس إجرائية تفلت تحقيق الجُرم.
وفي المقابل قد تتضمن تحجيماً لحقوق المشاركة لتحسين سرعة (ييرجا Ghirga، ٢٠٢١) وكفاءة نظام القمعوالمراقبة (بالاتسو Palazzo، ٢٠١٩: ١٢٦).
وبناء على ذلك أفترض أنه من الضروري والمناسب بشدة أن نتصور استقلالا نظريا وعمليا للعدالة التصالحية يسمح لها بأن
تشكل مادة خاصة ومستقلة في التعليم القانوني. فإدراج العدالة التصالحية في التعليم
القانوني الجامعي يمكن أن يساهم في نظام تعليمي لأهل القانون شامل وعالمي موحد
(فيانداكا Fiandaca،٢٠٠٨: ٤٨) وإنساني. وتشجع العدالة التصالحية على تصور مفهوم للعدالة في إطار
مجموعها القانوني والفلسفي بعيدا عن التبسيطات والاختزالات غير الضرورية: العدالة
إلى قانون، والقانون إلى تشريع، والتشريع إلى إرادة سيادية للدولة (أو للأغلبية)
(مارتيني Martini وزجربلسكيZagrebelsky،٢٠٠٣: ٢٠).
وأخيرا فإن إدراج العدالة القانونيةفي مناهج التدريب القانوني يمكن أن يساعد على الاعتراف بالقانون بوصفه ممارسة
اجتماعية (سميث Smith،٢٠٠٦). وهذا النظر لا يتبنى القانون على أنه تجريد ذاتي المرجعية، ولكن يدعو إلى
نظام قانوني محرك للعدالة (ڤيولا Viola، ٢٠٢٠)، وهو ما يستلزم تبني مساهمات العناصر الاجتماعية الأخرىغير القانونيين (تاتا Tata، ٢٠٢٠).
5. ميزات التعليم القانوني الجامعي للعدالة التصالحية لأهل القانون
يقدم إدراج العدالة التصالحية في المناهجالجامعية عدة فوائد لأهل القانون.
أولاً: يسمح بإعادة تنظيم المعرفة القانونيةعلى أساس ثقافي جديد (تودTodd ، ٢٠١٨). وقد نلجأ إلى النظام القانوني – وخصوصا نظام العدالةالجنائية – بهدف تطبيق نموذج من القانون منفصل عن السلطة.
فمن المسلم به أن القانون الجنائي يعملكآلية قسرية في إطار القانون العام، ويخدم في الأساس هدفا انتقاميا وعقابيا رغم
غاية التأهيل الاجتماعي (كوبلا Coppla ومارتوفيMartufi،٢٠٢٤). ويظهر هذا الاتجاه بصفة خاصة في أنظمة القانون المدني التي يتشكل فيها
التكويد/التقنين من جزء عام يحيط بالقواعد الشاملة والشارحة للمواد الجنائية وجزء
خاص يحدد معايير التجريم التي تتضمن النواهي والأوامر. ومن ثم يجسد القانوني
الجنائي في ذاته ثقافة تشكلت من أوامر بُنيت على التقعيد القانوني واكتسبت شرعيتها
دستوريا. وهذه الخصيصة تظهر أيضا في التعليم الجامعي ذلك أن التدريس يؤول في
الغالب إلى موقع الأستاذ بوصفه معين المعرفة القانونية التي ستنتقل منه في اتجاه
أحادي (داريدا Darrida وروڤاتيRovatti،٢٠١١: ٧٦-٧٧).
والعدالة التصالحية بأسسها غير المألوفةمقارنة بنظام العدالة الجنائية – قادرة على كسر تعويذة التشريع المرتكزة على
ثنائية السلطة والإخضاع. فهي تقدم تصورا لتحقيق العدالة لا يستهدف فقط الإصلاح
الرمزي والمادي للجرم، ولكنها فوق كل شيء تقوم على المشاركة التطوعية والحوار
والاعتراف المتبادل بالكرامة والخصوصية والانفتاح لمشاركة مكونات المجتمع.
ثانياً: إن تدريب أهل القانون على العدالةالتصالحية (بيريرا Pereira ودي كريين De Craen وإيرتسن Aertsen، ٢٠٢٣) من شأنه أن يمكنهم من اكتساب اصطلاح جديد مختلف عنالاصطلاح القانوني الذي سيطرت عليه عبر التاريخ مصطلحات فنية ومتخصصة.
فقد ذهبتُ في دراسة سابقة إلى أن العدالةالتصالحية علم من علوم الحكمة العملية phroneticscience (مانوتسي Mannozzi، ٢٠٢٠) ذلك أنها تدور فينطاق الحكمة العملية phronesis (بيمبرتون Pemberton، ٢٠١٩) التي تبدو على مسافة من المعرفة القانونية العقابية sophia. ولما كانت العدالةالتصالحية تتعامل مع التداعيات العاطفية للاعتداء (روسنيرا Rossner، ٢٠١٣) فإنها تتطلبمهارات لغوية (تحدثاً وإلقاءً) ومهارات تواصل تختلف عن تلك المرتبطة تقليديا
بممارسة القانون.
وبالنسبة إلى التعامل مع الانفعالات فكماأكدت توصية المجلس الأوربي CM/Rec 2018(8) يتضح اختلاف بنيوي هام بين العدالة التصالحية والعدالة الجنائية.فيبدو أن القانون الجنائي وقانون الإجراءات الجنائية يعانيان نقصا في الإدراك hypo-cognition. ففي العلوم المعرفيةيشير نقص الإدراك إلى الافتقار إلى الكلمات ومن ثم الأفكار وقوالب فهم الواقع
الداخلي والخارجي (كاروفيليو Carofiglio، ٢٠١٠: ١٩). ويفتقر نظام العدالة الجنائية إلى اللغة أو البنياتالتنظيمية – أو الاثنين معا – الضرورية للوقوف الكافي على الانفعالات المتخلفة عن
الجريمة. ويترتب على ذلك صعوبة التعرف على حاجات الضحايا التي تتجاوز مجرد العقاب
أو التعويض. وباختصار لم تحقق بعد في إطار نظام العدالة الجنائية الحاجة إلى
الاستماع وتصديق الرواية الفردية والاعتراف والتعبيرات الرمزية للإصلاح والتي تدرس
في نموذج العدالة التصالحية بوصفها من الأمور شديدة الصلة بتجربة العدالة.
وبناء على المقدمة التي تعتبر أن اللغة تؤطرالفكر (تشومسكي Chomskyومورو Moro،٢٠٢٢؛ ڤيجوتسكي Vygotsky،١٩٦٢) فإن تدريب أهل القانون على العدالة التصالحية يمكن أن ينمي إحساسهم وقدرتهم
على النظر إلى ما وراء القواعد. وثمة دور مماثل قد تحقق في إطار التعليم القانوني
عن طريق الفقه العلاجي therapeuticjurisprudence (ماردر Marder وويكسلارWexler،٢٠٢١) وكذا عن طريق دروس القانون والأدب (ريچيو Reggio، ٢٠٢٠).
ثالثاً: إن إدراج العدالة التصالحية في التعليم القانوني يستطيع أن يعزز الاعتراف بتعقيد المشكلة complexity. فالترسيم التقعيديالقانوني للصراعات من شأنه أن يبسط الأحداث التي يمر بها البشر ويسيِّرها في
مسارات وجداول زمنية إجرائية، وهو ما لا يناسب الأفراد. ويتكشف المنطق الإجرائي من
خلال تتابع عمليات التواصل وجلسات الاستماع التي خُلِعَ عليها المظهر الرسمي وفقا
لمواقيت وطرق منصوص عليها، وخصوصا تلك الجامدة الخالية من العواطف. فهي توجه حصريا
نحو ترسيخ حقائق، وكذا – وفقا لمفهوم معلوم للمحاكمة – نحو إعادة تشكيل حقيقة
إجرائية غير شخصية من أجل إصدار القرار (تاروفو Taruffo، ٢٠٢٠). ولا يرفع أحد منأطراف المحاكمة عينه لينظر إلى الآخر ذلك أن البعد العاطفي إما مستبعد وإما جرى
تحجيمه لأنه ينظر إليه كخلل وظيفي في العقلانية الواجبة للعملية الإجرائية. فكل تواصل يتوسط فيه ممثل الدفاع وممثل الادعاءالعام، والوسيط العام للأطراف هو القاضي. ونتيجة لذلك تتضاءل الوظيفة المعرفية
للعملية ويخضع الجانب المعقد في رواية كل فرد للتسوية بطريقة لا رجعة فيها.
وتقدم العدالة التصالحية للقانوني مساحةللتفكير المتعمق تتوارى معها القواعد إلى الخلفية ويحل محلها الصراع من حيث الكشف
عن إمكانيات الوقوف على حقيقته وسبر غوره (هازامر Hassemer، ٢٠٠٩). فهي تركز على التعامل مع الآثار الناجمة منوجهة نظر تصالحية بدلا من النظرة الانتقامية الصارمة وتلقي الضوء على القدرات
الولودة للحوار.
وإذي كانت العدالة التصالحية تتطلب استخداملغة متجددة (ماردر Marder وويكسلار Wexler، ٢٠٢١) فإنها تبرز المدى الذي يمكن أن يبلغه تحقيق العدالة دون الاعتماد على القسر والقوة. فاستخدام لغة
سهلة مشحونة بالعواطف من شأنه أن يعزز التعاطف ويشجع فهم تعقيد الصراع، وخصوصا
أثره العاطفي. كما أنها قد ترشد الأطراف إلى قيمة الإصلاح الرمزي حتى قبل التعويض.
فالقدرة على توظيف لغة تتميز من اللغة القانونية العقابية يتطلب مهارات وقدرات
وأبعاداً لها تبعات على المستوى التعليمي.
وفيإطار الدراسات القانونية تقتضي العدالة التصالحية – فوق كل شيء - انفتاحا واسعا
لتعدد التخصصات إذ يرنو التدريس إلى التفاعل مع خبراء في المجالات الأخرى والتخصيب
المتبادل للمعرفة. فموضوعات مثل الفلسفة وعلم اجتماع الثقافات وعلم الإجرام وعلم
الضحايا وحقوق الإنسان والتاريخ وشرائع الأديان تعد من قبيل الموضوعات التي يمكن
أن تتشابك بجدية في حوار في إطار مادة العدالة التصالحية (مانوتسي Mannozzi، ٢٠١٩).
ومع ذلك يظل اكتساب خلفية قانونية راسخةأمرا أساسيا للقانوني. فحقوق الإنسان والضمانات الإجرائية تتطلب حسن تقدير المخاطر
المرتبطة بالممارسات التصالحية (شابلاند Shapland وباكان Buchan وكيركوود Kirkwood وزينستاج Zinsstag، ٢٠٢٣)، التي تعلق أحيانا بالحدود المنهجية للعدالة التصالحية.وتحقيق توازن جيد بين المكونات التقعيدية القانونية والمكونات النظرية والعملية في
تدريس العدالة التصالحية ضروري من أجل تجنب نوعين محتملين من سوء الفهم هما طغيان
البعد العاطفي لحالة معينة على متطلبات العدالة وظهور العدالة التصالحية كنوع من
الخصخصة للعدالة الجنائية.
ويتأثر المنهج التوجيهي المزمع تبنيه في دروس العدالة التصالحية بالطبيعة غير المألوفة لموضوعها. وقد يكون للتدريس المشترك
أهمية رئيسة حيث تتفاعل المهارات المتنوعة بهدف إمداد التلاميذ برؤية شاملة قدر
الإمكان بمبادئ وقيم ومكونات العدالة التصالحية ووظائفها السياسية والجنائية. وقد
طُبِق هذا الأسلوب لسنوات في جامعة إنسوبريا University of Insubria حيث دُرِّست دروس العدالة التصالحية التي أُطلِقت عام ٢٠٠٥ (كورن Corn، ٢٠٢٣) أساسا من خلال التدريس المشترك - الذي اتسع لفلاسفة وفقهاء قانون - وممارسات أساسية. وطُوِّرَ نهج تعدد التخصصات بالتعاون مع زملاء في أقسام
فلسفة القانون وحقوق الأديان وحقوق الإنسان بالإضافة إلى خبراء من الخارج في
تخصصات أخرى وكذا بالتعاون مع ممارسين.
الخلاصة أنه يجب أن تشتمل المبادئ المرشدة عند تصميم مادة العدالة التصالحية على توازنٍ وانفتاحٍ. فتحقيق توازن بين النموذج
القانوني العقابي ونموذج العدالة التصالحية أمر جوهري. ومع ذلك يجب أن يكون ثمة
انفتاح لزرع قدرات تقوم على روابط تعدد التخصصات وتوصيل مهارات ناعمة أساسية معينة
مثل كيفية الإعداد لجمع الأقران في دائرة حوارية peer circle وإدارتها. ومن المؤكد أن شيئامن الاختبار العملي في إطار الحدود المسموح بها عن طريق برنامج دراسي جامعي يستطيع
أن يساعد التلاميذ على فهم المعنى العميق للعدالة التصالحية بوصفها مجالا للمعرفة
ألهمته الحكمة العملية أكثر من الحكمة المطلقة.
ويجب أن يعاد تقييم تصميم وترتيب مساحاتتدريس العدالة التصالحية لكي تؤخذ في الاعتبار الخصائص التي يتفرد بها الموضوع.
فبدلا من فصل دراسي تقليدي مثبتة مقاعده – ما يثير وجود تقابل في وجهات النظر –
يفضل تصميم دائري (ماردر Marder وبوانتر Pointer وأوچيبواي Ojibway، ٢٠٢٢). وهذ من شأنه أن يمكِّن كلا من الأساتذة والتلاميذ منالعمل – حتى فيما يتعلق بالتدريس وفقا لمبادئ نموذج التصالحية (بوانتر Pointer وآخرون، ٢٠٢٣) – عن طريقتبني وضع الدائرة circle mode الذي يمثل نقطة ارتكاز أنثروبولوچية للعدالة التصالحية.
6. استنتاجات
عدد من الملاحظات الختامية: يستلزم تعليم العدالة التصالحية فوق كل شيء أن يتشكَّل عن
طريق العدالة التصالحية. فتدريس العدالة التصالحية يفترض ضمنا استخدام لغة تصالحية،
ليس فقط في الفصل الدراسي بل أيضا في تصميم وتنظيم وإدارة الدرس. إن الترحيب
بالتلاميذ وضمان تكافؤ الفرص وعدم حرمان أحد والمرونة والتجاوب مع متطلبات
التلاميذ التعليمية وفهم حاجاتهم والابتكار المشترك للحلول (ماردر Marder وڤو Vaugh وآخرون، ٢٠٢٢) - كل ذلك منالمظاهر التصالحية الأصيلة التي تضمن تناغم ما يُدرَّس مع كيفية تدريسه.
فلا يمكن لأولئك الذين يُدَرِّسون العدالة التصالحية أن يفصلوا أساليب التدريس الملائمة للموضوع عن نمط تواصلي يتضمن معرفة
كيفية استخدام المستويات اللغوية المختلفة واستخدام المجاز وأشكال مختلفة من
التعبيرات الفنية القادرة على أن تشكل عقلية أو حتى موقفا أخلاقيا (habitus animi وفقا لمذهب القديس توما St. Thomas doctrine). ونتيجة ذلك فإن الآثار القادرة على إحداث تغيير جذري التي ترتبها العدالة التصالحية – شاملة أساليب
التواصل والاتجاه التعاوني والتوجه نحو حل المشكلة – ينتظر ظهورها في برامج تدريس
القانون التي تسير مع دروس العدالة التصالحية في ركاب واحد.
وبناء عليه فمن المتوقع أن تجد المهارات الناعمة لأولئك الذين يُدَرِّسون العدالة التصالحية أرضا خصبة للتطبيق، ليس فقط في
تدريس المواد الأخرى، بل سيصل صداها أيضا وعلى نطاق أوسع إلى العلاقات بين الأفراد
على مستوى التواصل الأكاديمي والبحث العلمي.
والعدالة التصالحية قادرة على دعم الأفرادللتغلب على ما سماه ماسيمو ريكالكاتي MassimoRecalcati غواية الحائط the temptation of the wall(ريكالكاتي Recalcati،٢٠٢٣) أي غواية المعارضة والتحدي والصراع والانفصال. ولا توجد هذه الحوائط خارج
أسوار الجامعة، بل قد توجد داخلها أيضا. وبالتالي ثمة عدد من الأسباب تبرر ليس فقط
إدراج العدالة التصالحية في التعليم القانوني، بل تقترح كذلك إعادة التفكير في
الدراسات القانونية سواء من حيث المحتوى أم من حيث أساليب التدريس وذلك في ضوء قيم
العدالة التصالحية (برانيس Pranis، ٢٠٠٧). وإعادة النظر هذا يسير على هدى نموذج قديم وحديث في الوقتذاته وقادر على أن يتحدى بشدة المعتقدات العتيقة الراسخة في مجاليْ العدالة
والعلاقات الإنسانية (لويلين ولويلين Llewellyn &Lewellyn، ٢٠١٥).
المراجع
Brallier, J.M. (1992). Lawyers andother reptiles. Chicago: Contemporary Books.
Brallier,J.M. (1996). Lawyers and other reptiles II: the appeal. Chicago: Contemporary
Books.
Carofiglio G. (2010) La manomissionedelle parole. Milano: Rizzoli.
Cassese, S. (2017). Legal educationunder fire. European Review of Private Law, 25(1),
143-149 (from the Keynote address atthe Annual Conference of the European Law
Faculties Association (ELFA).Groningen 13-15 April 2016).
Chomsky, N. & Moro, A. (2022).The secrets of words. Cambridge: The MIT Press.
Collini, S. (2012). What areuniversities for? London: Penguin.
Coppola F. & Martufi A. (eds.)(2024). Social Rehabilitation and Criminal Justice.
London-New York: Routledge.
Corda, A. (2021). La ricercar el’insegnamento in materia penale: riflessioni sul modello
statunitense e sulla sua influenzasul sistema italiano. Sistema penale. Retrieved from
1617830722_corda-2021a-ricerca-insegnamento-diritto-penale-comparazione-
italia-usa.pdf (sistemapenale.it)(last accessed 17 January 2024).
Corn, E. (2023). Victimam nonlaedere. Verso nuove pene per i reati commessi in contesto di
relazioni strette tra autore evittima. Napoli: ESI.
Derrida J. & Rovatti P.A.(2002). L’università senza condizione. Milano: Cortina.
Fiandaca, G. (2008). Il dirittopenale giurisprudenziale tra orientamenti e disorientamenti.
Napoli: Editoriale Scientifica.
Galgano, F. (2010). Le insidie dellinguaggio giuridico. Saggio sulle metafore nel diritto.
Bologna: il Mulino.
Garapon, A. (2001). Bien juger.Essai sur le rituel judiciaire. Paris: Odile Jacob.
Ghirga, M.F. (2021). La giustiziapiovuta dal cielo. Torino: Giappichelli.
Hassemer, W. (2009). Warum Strafesein muss. Ein Plädoyer. Berlin: Ullstein.
Hillman, J. (2001). Oltrel’umanismo. Bergamo: Moretti e Vitali.
Llewellyn, K. & Llewellyn J.(2015). A restorative approach to learning: relational theory as
feminist pedagogy at universities.In T. Penny Light, J. Nicholas & R. Bondy (eds.),
Feminist pedagogy in highereducation: critical theory and practice (pp. 11-31). Waterloo:
Wilfrid Laurier Press.
Mannozzi, G. (2011). Le parole deldiritto penale: un percorso ricostruttivo tra linguaggio
per immagini e lingua giuridica.Rivista italiana di diritto e procedura penale, LIV(4),
1431-1473.
Mannozzi, G. (2017). Towards a‘humanism of justice’ through restorative justice: a
dialogue with history. RestorativeJustice: An International Journal, 5(2), 145-157. doi:
10.1080/20504721.2017.1339958.
Mannozzi, G. (2019). Restorativejustice: university education, theoretical and practical
training for operators, raisingcommunity awareness. In B. Pali, K. Lauwaert & S. Pleysier
(eds.), The praxis of justice: liberamicorum Ivo Aertsen (pp. 223-239). The Hague: Eleven.
Mannozzi, G. (2020). Sapienza deldiritto e saggezza della giustizia: l’attenzione alle
emozioni nella normativasovranazionale in materia di restorative justice. Criminalia,
1-42.
Mannozzi, G. & Lodigiani, G.A.(2014). Formare al diritto e alla giustizia. Per un’autonomia
scientifico-didattica dellagiustizia riparativa in ambito universitario. Rivista italiana di
diritto e procedura penale, LCII(1),143-177.
Manzoni, A. (1840). I promessi sposi(ed. 2015) Torino: Einaudi.
Marcolini, S. (2019). L’insegnamentodel diritto processuale penale. Il caso del diritto
penitenziario. In F. Ruggieri (ed.),Insegnare diritto penale e processuale penale. Che cosa,
perché, come (pp. 177-186). Pisa:Pacini Giuridica.
Marder, I., Pointer, L. &Ojibway, A. (2022). Using circles in higher education classrooms:
impact, applications, design.Vermont Law and Graduate School. Retrieved from https://
www.youtube.com/watch?v=CyhZ2dxF6yc&ab_channel=VermontLawandGradua
teSchool (last accessed 17 January2024).
Marder, I.D., Vaugh, T., Kenny, C.,Dempsey, S., Savage, E., Weiner, R., Duffy, K. & Hughes,
G. (2022). Enabling studentparticipation in course review and redesign: piloting
restorative practices and designthinking in an undergraduate criminology
programme. Journal of CriminalJustice Education, 33(4), 526-547. doi:
10.1080/10511253.2021.2010781.
Marder, I.D. & Wexler, D.B.(2021). Mainstreaming restorative justice and therapeutic
jurisprudence through highereducation. University of Baltimore Law Review, 50(3).
Retrieved fromhttps://scholarworks.law.ubalt.edu/cgi/viewcontent.
cgi?article=2091&context=ublr(last accessed 17 January 2024).
Martini, C.M. & Zagrebelsky, G.(2003). La domanda di giustizia. Torino: Einaudi.
Mattila, H.E.S. (2006). Comparativelegal linguistics. Aldershot: Ashgate.
Mellinkoff, D. (1963). The languageof the law. Boston-Toronto: Little, Brown and Company.
Moore, D.B. & Vernon, A. (2024).Setting relations right in restorative practice. Broadening
mindsets and skill sets. Abingdon:Routledge.
Mulchay, L. (2007). Architects ofjustice: the politics of courtroom design. Social & Legal
Studies, 16(3), 383-403. doi:10.1177/0964663907079765.
Palazzo, F. (2019). Tradizione emodernità nell’insegnamento del diritto penale: qualche
considerazione introduttiva. In F.Ruggieri (ed.), Insegnare diritto penale e processuale
penale. Che cosa, perché, come (pp.125-130). Pisa: Pacini Giuridica.
Pemberton, A. (2019). Victimology asa phronetic social science. In B. Pali, K. Lauwaert &
S. Pleysier (eds.), The praxis ofjustice: liber amicorum Ivo Aertsen (pp. 93-106). The
Hague: Eleven.
Pereira, A., De Craen, B. &Aertsen, I. (2023). Restorative justice training for judges and
public prosecutors in the EuropeanUnion: what is on offer and where are the gaps?
The International Journal ofRestorative Justice, 6(1), 45-70.
Pointer, L., Dutreuil, C., Livelli,B., Londono, C., Pledl, C., Rodriguez, P., Showalter, P. &
Tompkins, P. (2023). Teachingrestorative justice. Contemporary Justice Review,
25(3-4), 271-281.
Pranis, K. (2007). Restorativevalues. In G.J. Johnstone & D.W. Van Ness (eds.), Handbook
of restorative justice (pp. 59-74).Cullompton: Willan Publishing.
Quattrocolo S. (2019). Innovazione etradizione nell’insegnamento del diritto processuale
penale. In F. Ruggieri (ed.),Insegnare diritto penale e processuale penale. Che cosa, perché,
come (pp. 1185-197). Pisa: PaciniGiuridica.
Recalcati M. (2023). La tentazionedel muro. Milano: Feltrinelli.
Reggio, F. (2020). Harry Potter e ilprocesso davanti al Wizengamot. Un caso di law and
literature per un percorso didatticosul diritto in tema di ‘giusto processo’. In P. Moro
(ed.), Insegnare diritto edeconomia. Metodi e prospettive della didattica giuridica ed
economica (pp. 109-140). Milano:Franco Angeli.
Rossner, M. (2013). Just emotions: ritualsof restorative justice. Oxford: Oxford University
Press.
Shapland, J., Buchan, J., Kirkwood,S. & Zinsstag, E. (2023). Mitigating risk in restorative
justice. The International Journalof Restorative Justice, online first, 1-24. doi: 10.5553/
TIJRJ.000176.
Smith, M.N. (2006). The law as asocial practice: are shared activities at the foundations of
law? Legal Theory, 12(3), 265-292.doi: 10.1017/S1352325206060095.
Taruffo, M. (2020). Verso ladecisione giusta. Torino: Giappichelli.
Tata,C. (2020). Sentencing: a social process. Re-thinking research and policy. Cham:
Palgrave.
Todd, S. (2018). Culturallyreimagining education: publicity, aesthetics and socially
engaged art practice. EducationalPhilosophy and Theory, 50, 970-980. doi:
10.1080/00131857.2017.1366901.
Venice Declaration (2021).Declaration of the Ministers of Justice of the Council of Europe
Member States on the Role ofRestorative Justice in Criminal Matters on the occasion of the
Conference of the Ministers ofJustice of the Council of Europe ‘Crime and Criminal, Justice
- the role of restorative justice inEurope’ (13 and 14 December 2021, Venice, Italy).
Retrieved fromhttps://rm.coe.int/0900001680a4df79 (last accessed
17 January 2024).
Viola, F. (2020). La teoria deldiritto come pratica sociale e la coercizione. Persona y derecho,
81, 31-66.
Vygotsky, L. (1962). Thought andlanguage. Chicago: MIT Press.
* جراتسيامانوتسيGrazia Mannozzi :أستاذة القانون الجنائي والعدالة التصالحية restorativejustice والوساطةالجنائية بجامعة إنسوبريا (كومو، إيطاليا). وهي مؤَسِسَة ومديرة مركز دراسات
العدالة التصالحية والوساطة Restorative Justice and Meditation Centre (CeSGReM) بالجامعة نفسها.
* حسينأحمد علام: رئيس محكمة مصري وروائي ومترجم، ومعيد سابقا بكلية الحقوق جامعة
المنوفية. حصل على ماجستير القانون الدولي والمقارن LLM من الجامعة الأمريكية بالقاهرة AUC وماجستير القانون الخاص والدراسات القضائية منكلية الحقوق جامعة المنوفية.
[1] كُتبت هذه الفقرة في المقال الأصلي باللغةالإيطالية وترجمته الكاتبة إلى اللغة الإنجليزية في هامش المقال.
[2] كُتبت هذه الفقرة في المقال الأصلي باللغةالإيطالية وترجمته الكاتبة إلى اللغة الإنجليزية في هامش المقال.
· ذووالياقات البيضاء هم الموظفون بصفة عامة، ويقصد بجرائم ذوي الياقات البيضاء الجرائم
التي تقع من الموظف العام مثل جرائم الرشوة والمال العام كالاختلاس والتربح، وهي
قسم من أقسام الجرائم بجانب جرائم النفس كالقتل وجرائم العِرض كالاغتصاب وهتك
العرض وجرائم العدوان على المال الخاص كالسرقة والنصب وخيانة الأمانة – المترجم.
· Secondaryvictimization: هو معاناةضحية الجريمة مزيدا من الضرر بسبب معاملة الأفراد والمؤسسات، مثل تكرار التعرض
للجناة أو الاستجواب، أو اللغة غير الملائمة أو التعليقات المسيئة https://eige.europa.eu/publications-resources/thesaurus/terms/1248?language_content_entity=en – المترجم.